غواص فى اعماق ذاكرة التاريخ

 

غواص فى اعماق ذاكرة التاريخ 




بـقـــلم  د/حـــــنان عــبدالآخر 


بالامس مرت علينا فى هدوء ولم يلتفت إليها الكثيرين .. ذكرى عطره وهامه، فى تاريخنا العلمى .. ألا وهى ذكرى ميلاد

"أينشتاين العرب"د/علي مصطفى مشرفة، أحد العلماء السبعة الذين عرفوا سر الذرة، وأعظم علماء الفيزياء علي مر العصور . 


يعد الدكتور/على مصطفى مشرفه  واحدًا من أعظم علماء الذره على مستوى العالم، حيث أُطلق عليه "أينشتاين العرب"، حيث ترك العديد من الكتب والأبحاث الهامة فى هذا المجال .


وُلد الدكتور/ مشرفه في دمياط في 11يوليو 1898م، وفي عام 1907م حصل على الشهادة الابتدائية وكان ترتيبه الأول على البلاد .


وبعد وفاة والده انتقلت الأسرة إلى القاهرة، والتحق مشرفة بالمدرسة السعيدية بالجيزة، ثم التحق بمدرسة المعلمين العليا عام 1914م بناء على رغبته .


وفي عام 1917م أختير لبعثة علمية لأول مرة إلى إنجلترا بعد تخرجه، حيث التحق بكلية نوتنجهام ثم بكلية الملك بلندن، وحصل منها على بكالوريوس علوم مع مرتبة الشرف في عام 1924م،  ليكون أول عالم مصري والحادي عشر عالميًا يحصل على هذه الدرجة .


كما حصل على شهادة دكتوراة الفلسفة من جامعة لندن في أقصر مدة تسمح بها الجامعة للحصول على الدكتوراه 


وفي عام 1925م رجع إلى مصر، وعين أستاذاً للرياضة التطبيقية بكلية العلوم "جامعة فؤاد الأول" جامعة القاهرة حاليآ .


ثم منح  مشرفه درجة "أستاذ" في عام 1926م، على الرغم من مخالفة قانون الجامعة الذى يمنع منح اللقب لمن هو أدنى من الثلاثين عاماً درجة الأستاذ .


كما عين مشرف عميداً لكلية العلوم عام 1936م، وانتخب للعمادة أربع مرات متتالي، كما انتخب عام 1945م وكيلاً لجامعة القاهرة .


اشترك الدكتور/ مشرفه مع أينشتاين بوضع النظرية النسبية، وقام مشرفه بإلاثبات الرياضي لها، وقد وصف أينشتاين الدكتور/ مشرفه بأنه أحد أعظم علماء الفيزياء .


ويعد مشرفه أول من قام ببحث لإيجاد مقياس للفراغ ووضع نظرية تفسير الإشعاع الناتج عن الشمس .


وضع مشرفه نظرية تفتت ذرة الهيدروجين التي صنع منها القنبلة الهيدروجينية بعد ذلك .


قام الدكتور مشرفه بتأليف أول كتاب باللغة العربية عن النظرية النسبية الخاصة عام 1945م، وتكمن أهمية الكتاب فى أنه من أوضح الكتب فى المجال على مستوى العالم .


وتقدر أبحاث مشرفه المتميزة في نظريات الكم، الذره والإشعاع، الميكانيكا والديناميكا بنحو خمسة عشر بحثاً،  وقد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته حوالي مائتين مسودة .


وإلى جانب إسهاماته العلمية، كان مشرفة عضواً بالمجمع المصري للثقافة العلمية باللغة العربية؛ حيث ترجم مباحث كثيرة إلى اللغة العربية. كما نُشر له ما يقرب من ثلاثين مقالاً منها: سياحة في فضاء العالمين ـ العلم والصوفية ـ اللغة العربية كأداة علمية ـ اصطدام حضارتين ـ مقام الإنسان في الكون .


إضافة إلى ذلك شارك الدكتور مشرفة في مشاريع مصرية عديدة تشجيعاً للصناعات الوطنية، كما شارك في إنشاء جماعة الطفولة المشرده .


وعلى الرغم من معرفة الدكتور مشرفه سر تفتت الذره لكنه رفض استخدامها فى صناعة أسلحة وقنابل تفتك بالبشرية ورفض توظيفها فيما لا يخدم الإنسانية،  كما كان  صاحب نظرة مستقبلية حيث طالب  بمشروع لاستغلال "الطاقة الشمسية" فى الصحراء المصرية .


اختارته الحكومة الأمريكية عضوًا فى اللجنة الدولية للأبحاث الذرية، وكانت تضم أبرز علماء الرياضيات فى العالم، ومنهم الأعمدة الثلاثة فى مشروع "منهاتن" للذره .


قام بنشر العديد من الكتب العلمية وحرص على إحياء ذكرى نوابغ العلماء العرب والمسلمين حتى تصل تلك الكتب القيمة إلى كافة القراء العرب، فنشر كتاب للخوارزمى فى الجبر، ونشر كتاب عن الحسن بن الهيثم، وكتاب للفارابى، وكتاب الرازى فى الطب، وكتاب جابر بن الحيان فى الكيمياء وغيره من العلماء العرب .


وكان ينوى جمع أبحاثه للتقدم لجائزة نوبل فى العلوم الرياضية، إلا أن القدر منعه وحرمه من تحقيق حلمه وحلم المصريين فى الحصول على هذه الجائزة، حيث توفى الدكتور مشرفه فى 15 يناير 1950م عن عمر يناهز 52عاماً، وأثيرت شكوك بعد وفاته بوجود علاقة بين الموساد ووفاته، إلا أن شقيقه نفى ذلك وقال انها وفاه طبيعية .


وبعد وفاه مشرفة نعاه ألبرت أينشتاين عالم الذره الأمريكى، وقال عنه: "لا تقولوا إن مشرفه مات إنه مازال حياً بيننا من خلال أبحاثه، إننا محتاجون إليه إنها خساره كبيرة، لقد كان رائعا وكنت أتابع أبحاثه بكل ثقة لأنه من أعظم علماء الطبيعة فى العالم" .


كما نعاه الدكتور طه حسين وزير المعارف آنذاك، حيث قال:"أمثال مشرفة من النابغين النابهين الذين يرفعون ذكر أوطانهم والذين يضيفون إلى الكنوز الإنسانية فى العلم والمعرفة، كانت حياة مشرفة حياة نبوغ درس وبحث وقرأ وتعلم وسافر واتصل بالهيئات الدولية بالخارج فتكونت شخصية العالم، وقد صنع لنا تاريخًا عظيمًا وليس أقل من ان نخلد ذكراه ونهتم بتاريخه مثلما تهتم الدول الأخرى بتراث علمائها وإنجازاتهم وتحيى ذكراهم بتعظيم العلم وإنشاء مؤسسات بأسمائهم ونشر مؤلفاتهم على نطاق واسع فعالمنا الجليل مصطفى مشرفة لا يقل أهمية عن أينشتاين، وإديسون، وبيل، وموريس، وماركونى، ونيوتن، وبيرد، وغيرهم ممن أفادوا الإنسانية بمنجزاتهم العلمية" .


وقام الزعيم جمال عبدالناصر بتكريمه بعد وفاته فى حضور أسرته عام 1952٠م، حيث القى كلمة لتكريمة وتكريم العلماء فقال الآتى :"ان الثورة تمجد العلماء وتقدرحاجة الوطن اليهم وإن الحرب ليست بين الجيوش، لكنها بين العلم والعلماء وإن العلماء إذا ساعدوا بلادهم كان النصر حليفها، والعلماء دائمًا أصدقاء الحرية لم تقم فى الدنيا نهضة إلا بهم" .


وبعد رحيل الدكتور مشرفه قامت جامعة القاهرة تخليدا لأسم العالم ألفذ، بإقامة مؤسسة علمية تحمل اسمه واعداد جائزة مالية للمتفوقين فى الرياضة، كما أطلق اسمه على إحدى قاعات كلية العلوم بالجامعة ...

إرسال تعليق

0 تعليقات