قصة تربوية للأطفال
أنقذت ... كتاباً
بقلم : أبو عمر إبراهيم الجفال العراق
ذات مساء في بغداد
كانت رقية فتاة صغيرة في التاسعة من عمرها تعيش مع والديها في بيت يطل على دجلة .
كان والدها خطاطا يعمل في بيت الحكمة ، حيث تحفظ آلاف الكتب في الرفوف الطويلة .
كل ليلة كانت رقية تنتظر والدها عند الباب تسأله بحماس :
أخبرني يا أبي ماذا كتبت اليوم ؟
هل كان كتاباً عن النجوم ؟
أم عن دواءٍ جديد ؟
فيضحك والدها ويقول :
بل كان عن الصدق والأمانة ... وهل هناك أجمل من الأخلاق ؟
(عاصفة الخوف )
ذات صباح ... استيقظت رقية على أصوات عالية ... وجلبة في الشوارع
صرخت أمها :
المغول !
المغول دخلوا المدينة !
أخذ الناس يركضون يحملون أطفالهم وبعض الطعام ... بينما والد رقية أمسك يدها وقال :
يجب أن نغادر بسرعة !
لكن رقية كانت تنظر إلى رف خشبي صغير قرب النافذة ...
كان عليه كتاب قديم تحبه كثيرا عنوانه :
كن حسن الخلق تحب
ركضت إليه ... احتضنته بذراعيها وخبأته تحت عباءتها وهمست :
لن أدعك تحرق ... سأُخفيك كما تخبأ الجواهر .
بيت خلف النهر
هربت العائلة إلى بيت صغير خلف النهر ،
وبقيت هناك شهوراً طويلة .
في كل ليلة ، كانت رقية تخرج الكتاب ، تمسح عنه الغبار وتقرؤه على ضوء الشمعة .
تعلمت منه كيف تكون رحيمة ، وكيف تعتذر حين تخطئ ، وكيف تصبر إذا حزنت .
وبعد أن هدأت الأحوال ...
عادت العائلة إلى بغداد لكن البيت الكبير احترق ... وبيت الحكمة صار أنقاضاً ورمادا .
قالت رقية وهي تمسك كتابها :
ربما احترقت المكتبة ... لكن هذا الكتاب بقي معي لأنه يعيش في قلبي .
رقية الأم
مرت السنوات ... وكبرت رقية ... وتزوجت ... وصار عندها أطفال .
وفي كل ليلة ،
كانت تجمعهم حولها وتقول :
هل أخبرتكم كيف أنقذت كتابي من النار ؟
فتضحك طفلتها الصغيرة وتقول :
وسأنقذه أنا إن احترق بيتنا أيضا .
العبرة :
يا أحبتي
ليست كل كنوز الدنيا ذهباً أو فضة ...
بعض الكنوز حكم محفوظة في الكتب ... وقلوب تحفظها .
ورقية الصغيرة علمتنا أن الطفل الذي يحب العلم ... قد ينقذ حضارة .
.........
مع خالص تحياتي ....
ابو عمر ابراهيم الجفال
Safir Almashaeir
8 / 8 / 2025
0 تعليقات